نفسية المتداول: ماذا تفعل عندما لا تنمو أرباحك بانتظام؟
الاستقرار الذهني عاملٌ حاسمٌ في عملية صنع القرار ونمو الأرباح. توضِّح هذه المقالة مفهوم علم نفس التداول، والمشكلات الذهنية الأكثر شيوعًا في التداول، ونصائح للتغلب على تلك المشكلات، وكيفية التفكير كمتداولٍ رابح.
علم نفس التداول
علم نفس التداول مزيجٌ من ردود أفعال المتداولين تجاه جميع أحداث السوق والعوامل الأخرى التي تؤثّر على التداول. إن الحالة النفسية للمتداول هي التي تحدّد قراراته التداولية ومدى تطوِّر حياته المهنية كمتداولٍ عمومًا. وبناءً على ما تظهره الممارسة العملية، فإن النجاح في التداول لا يتطلَّب ذكاءً خارقًا، بل يتطلَّب عوامل نفسية كالصّبر والمثابرة والانضباط والحالة الذهنيّة الصحيّة.
يمكن للمتداولين أن يتعاملوا مع نفس الوضع بطرق مختلفة. على سبيل المثال، عند حدوث انخفاضٍ حادٍّ في سعر السهم، يشعر البعض بالذعر ويبيع الأصول، بينما يفضِّل البعض الآخر شراء هذه الأسهم بسعرٍ منخفض، واثقًا من أن السعر سيرتفع مرةً أخرى. وبالتالي، هناك أنواع نفسية مختلفة من المتداولين:
- يعمل المتداولون المندفعون بدون خطةٍ مدروسةٍ جيدًا، حيث يتَّخذون قراراتهم بسرعة، متجاهلين العواقب، وبالتالي يتعرّضون للتداول الانفعالي مع احتمال تكبُّد خسائر كبيرة.
- يقوم المتداولون الحريصون بتحليل وضع السوق ووضعهم المالي بشكلٍ شاملٍ قبل الدخول في الصفقة. عادةً ما يكون هذا النوع من المتداولين مستقرًا عاطفياً ولديه خطةٌ جيدةٌ للإدارة الذاتية، ولكنّهم في بعض الأحيان لا يميلون إلى المخاطرة والتي قد تكون مربحة.
- المتداولون العمليون هم متداولون مغامرون وحريصون على حد سواء، فهم يعرفون كل شيء عن إدارة المخاطر ويتصرفون بثقةٍ في تداولاتهم.
ربما شعرت بأن أحد الأنواع النفسية السابق ذكرها تصف ما أنت عليه كمتداول، وربما يمكنك الربط بين هذا النوع النفسي الذي تنتمي إليه ونتائج التداول الخاصة بك.
لا شك أن علم نفس التداول عنصرٌ حاسم. سيطرة المتداول الكاملة على تصرفاته هي وحدها فقط التي تضمن تحقيق عوائد مستقرَّة وتحول دون حدوث التقلبات الربحية والخسائر العرضية. ومع ذلك، لا يمكن لكل متداولٍ التحكّم في عواطفه والحفاظ على موقفٍ إيجابي. لذا، دعونا نتحدث فيما يلي عن القضايا النفسية المتعلقة بالتداول التي تؤثر سلباً على عملك ولا تسمح لك بتحقيق عوائد مستقرة.
لماذا لا تنمو الأرباح بانتظام، أو ما هي القضايا النفسية في التداول
المتداولون مختلفون، لكن المشاكل النفسية هي ذاتها لأننا جميعًا بشرٌ نتشابه في البنية والجهاز العصبي. كلنا نعيش في مجتمعات ونخضع لقوانينها. لهذا السبب يمكننا تسليط الضوء على المشكلات العقلية الأكثر شيوعًا في التداول والإجابة عن سبب عدم نمو الأرباح بانتظام.
التعزيز العشوائي
في بعض الأحيان، يجِد المتداولون الهواة أنفسهم في سلسلة انتصاراتٍ متتالية، بينما يعاني المتداولون المتمرّسون من عدة إخفاقاتٍ متتالية. على الرغم من أن مثل هذه المواقف تعتمد على الحظ، يبدأ هؤلاء المتداولون في الإيمان بمهارتهم أو العكس، ويقعون في فخ التعزيز العشوائي.
التعزيز العشوائي ظاهرةٌ نفسيةٌ مدمِّرةٌ منتشرةٌ بين المتداولين. يخلق التعزيز العشوائي فكرةً خاطئةً لدى المتداول حول قدراته وتُخيّم تلك الفكرة على ذهنية المتداول وتؤدي إلى الثقة المفرطة أو الافتقار الشديد للثقة بالنفس على المقلب الآخر. الأمر يكمن في أن المبتدئين قد يعتقدون أنهم وجدوا طريقة سهلة لتحقيق الربح، في حين أن المحترفين قد يشكّون في مهاراتهم وخطتهم التداولية ومعرفتهم في المجال بشكل عام.
الخوف من تفويت الفرص الفومو (FOMO)
لا بدَّ أن الجميع يعرف الفومو. يُعتَبَر الخوف من تفويت الصفقة المربحة مشكلةٌ نفسيةٌ شائعةٌ تؤثّر على المتداولين في جميع أنحاء العالم. وبتوجيهٍ من المؤثّرين في التداول على وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار وغرائز القطيع، يصبح المتداولون مهووسين بفكرة الأرباح العالية، وهنا يبدأ التداول العشوائي. يخلو التداول بناءً على الخوف من تفويت الفرص من العقلانية والمنطقية. ينسى المتداولون استراتيجيات التداول وخطط إدارة المخاطر والانضباط في سعيهم نحو جمع ثروةٍ هائلة. يؤدي هذا التداول الفوضوي إلى خسائرَ وارتباكٍ لا مفرَّ منه.
التداول الانتقامي
يُعَدُّ هذا النوع من التداول ضارًّا جدًّا ويؤدّي إلى تفاقم الوضع المالي للمتداول. لنفترض أن لدينا متداولًا يتمتّع بأسبوعٍ سلسٍ وكان يحقّق عوائدَ جيدةً ومُستقرَّة. ومع ذلك، في نهاية هذا الأسبوع، فَقَدَ فجأةً كل ما كسبه وأكثر من ذلك. ردُّ الفعل التالي هو الرغبة بالانتقام. يحاول استيعاب ما حدث، لكن يوجِّه انتقامه إلى السوق. لذلك، يسعى المتداول إلى استعادة أمواله في أسرع وقتٍ ممكن ويندفع للتداول النشط وعادة ما يرتكب عددًا من الأخطاء التي لا تُغتَفر.
عدم الانضباط
يمكن للمتداول المنضبط تحديد نقاط الدخول والخروج من السوق. من الضروري فتح وإغلاق المراكز في الوقت المحدد. ويكون إغلاق الصفقة أمرًا أكثر تعقيدًا بالفعل. للانسحاب من السوق بأرباح مرضية، يجب عدم الانتظار خارج السوق أو أن تتخطّى الجدول الزمني المحدد، وهو أمر يمثل تحدياً.
يؤدّي الافتقار إلى الانضباط إلى انفعالٍ غير منضبط. على سبيل المثال، إذا تحرَّك سعر الأصل وفقًا لاتجاه صاعد، من المحتمل أن يقوم المتداول غير المنضبط بإغلاق المركز مبكِّرًا جدًا عند حدوث أول حركة هابطة، وهذا أمر متذبذب لأنه من الأفضل أن ينتظر توفر علاماتٍ موثوقةٍ لعكس اتجاه السوق ومن ثمّ تحقيق الربح.
نتيجة لذلك، يؤدي النّقص المُستمرِّ في الربح في التداول إلى انخفاضاتٍ كبيرةٍ يصعب استردادها.
المقامرة في التداول
يتعلّق التداول بالتخطيط والانضباط الصّارم والتعلّم المُستمر؛ لكنّ بعض المتداولين يتعاملون معه على أنّه مقامرة. لا يفكّر المتداولون الذين يتمتعون بعقلية المقامرة في آلية التداول عند بناء إستراتيجية مناسبة. يعملون بشكل غير منهجي تحت رحمة الأقدار، مدفوعين بالأدرينالين والحماس للفوز. تنتشر عقلية المقامرة بين المتداولين المبتدئين والمحترفين الذين يسعون نحو الثراء دون أي جهد.
تجعل عقلية المقامرة المتداولين يتصرفون باندفاعٍ دون خطةٍ مدروسةٍ جيدًّا، مما يؤدّي إلى خسائر حتميّةٍ وانهياراتٍ عاطفية.
غريزة القطيع
تُعَدُّ غريزة القطيع أمرًا مهمًّا في مجال علم النفس. في التداول، تعتمد غريزة القطيع على الخوف من الفشل. لذلك، يعتمد المتداولون غالبًا على قرارات الحشود بدلاً من تحليل السوق الشامل. يؤدِّي هذا السلوك الاتّكالي إلى الوقوع في فخ التداول تحت تأثير الذعر، وينتج عنه تصرفات غير منطقية وخسائر عديدة.
لكي تصبح متداولًا ناجحًا، يجب أن تعمل دائمًا على الجانب النفسي لديك. يجب أن تكون هذه الصيغة البسيطة بمثابة منارةٍ في رحلة التداول الخاصة بك.
خطوات لتحقيق عقلية تداول رابحة أو كيفية زيادة أرباحك
كما تعلم بالفعل، فإن الجانب النفسي من روتين التداول الخاص بك أساسي ولا مفرَّ منه. ولكن كيف تبقى إيجابياً تحت الضغط الهائل لعملية صنع القرار من حيث تقلّبات الأسعار غير المتوَقَّعة كل يوم؟ لقد أعددنا قائمة بالنصائح خصيصاً لك!
الالتزام و الانضباط
الانضباط جانبٌ أساسيٌّ في حياتنا، بما في ذلك التداول. عندما تقوم بوضع مخطّط ليوم عملٍ جيدٍ، فإنك تحقّق ضبط النفس وإدارة الذات – كونك منضبطًا يعني أنه يمكنك التحكُّم في عواطفك وتجنُّب التداول العشوائي. المتداولون المنضبطون أكثر تركيزًا ويلتزمون بإستراتيجيتهم بثبات، وهم يدركون أهمية مرحلة البحث والنشاط البدني ومعنى فترات الراحة وتناول الطعام. يهدف هؤلاء المتداولون إلى الحصول على مهنة تداولٍ طويلة الأجل وتحقيق أرباحٍ منتظمة.
تحديد أهداف التداول
يعدُّ تحديد الأهداف جزءًا أساسيًا من حياتك المهنية. يجب أن تعرف دائمًا ما تسعى إليه بالمجمل وأن تخطّط أيضًا لأهدافك للتداول اليومي. على سبيل المثال، يعدُّ تحديد أهداف التحكُّم في المخاطر والأرباح ونسبة المخاطرة\العائد أمرًا مهمًا. تشقُّ الأهداف لك طريقًا نحو الكمال. تشعر بالنشوة والنجاح من خلال تحقيق الأهداف، وهو أمرٌ بالغ الأهمية للحفاظ على معنوياتك عالية ومضاعفة الأرباح.
اتبع خطة واستراتيجية التداول الخاصة بك
يعدُّ وجود خطة تداول واستراتيجية تداول أمرًا أساسيًا لتحقيق ربحيةٍ ثابتة. تحدّد خطة التداول الأسواق التي ترغب في تداولها، والأُطر الزمنية لروتين التداول الخاص بك، ومواصفات الاستراتيجيات، وخطة إدارة المخاطر، والقواعد الأساسية الأخرى. تحدّد استراتيجية التداول بدورها شروط الدخول والخروج من السوق لمضاعفة الربح وتخفيف المخاطر.
تَتَبَّع أداء التداول الخاص بك
لكي تصبح متداولًا أكثر ثقةً وخبرة، نوصي بشدّة أن يكون لديك مفكرة التداول الخاصة بك لأنها تُسهِّل عليك عملية تتبّع أداء التداول الخاص بك. من خلال مفكرة التداول، ستتمكّن من التفكير في تداولاتك السابقة والتوصّل إلى استنتاجاتٍ حول تداولك المستقبلي.
قُم بإجراء تحليلٍ شاملٍ للسوق
قبل الدخول إلى السوق، قُم بتحليل الوضع الحالي للسوق وتحرّكاته المُتوَقعة. إجراء فحصٍ شاملٍ للسوق باستخدام أدوات التحليل الفني والأساسي. بمساعدة تحليل السوق، يكشف المتداولون عن أفضل الفرص ويتخذون قراراتٍ مستنيرةٍ تقلِّل من احتمالية التداول العشوائي.
كُن مرنًا
لا توقّر جميع الأسواق المالية فرصةً للتحرُّك وتتحوّل وفقًا لنفس السيناريو. يجب على المتداولين مراقبة تحوّلات السوق وتعديل استراتيجياتهم باستمرار وفقًا لذلك. إذا كان السوق متقلبًا للغاية، فمن الأفضل تأجيل التداول ومحاولة فهم الموقف. المرونة تعني التحكُّم في عواطفك والقدرة على تقييم الموقف بغضِّ النظر عن مشاعرك. كُن عمليًا وفكّر بشكلٍ نقديٍّ بغضّ النظر عما يحدث.
تطوير القدرة على تحمُّل المخاطر
يشعر المتداول الفائز دائمًا بالراحة في المخاطرة. أولئك الذين لا يتحمّلون المخاطر لا يمكنهم قبول الخسارة، لكن الخسارة جزءٌ لا يمكن تجنُّبه من عملية التداول. ولكي تصبح محترفًا ناجحًا، يجب أن تتقبَّل حالة عدم اليقين في السوق المتغيّر باستمرار وأن تُحسِّن موقفك من انخفاض قيمة أصولك.
تعامل مع حالتك الذهنية
صحتك الذهنية هي العامل الأساسي. لا تتجاهل المشكلات النفسية التي تواجهها. حدّد موعدًا مع معالج أو جرّب التأمل أو العلاج بالفن أو مارس الرياضة لتحسين حالتك العقلية. من الضروري قبول حقيقة أنه من المحتمل أن ترتكب الأخطاء وأخذ فترات راحةٍ في الوقت المحدد.
طوّر معرفتك بالتداول
المعرفة هي قوتك العظمى. لا تتوقّف أبدا عن توسيع آفاق التداول الخاصة بك. تعرّف على صنّاع السوق، واحضر دروس التداول، واقرأ الأخبار، وقُم بأبحاثك باستخدام اختبارات الرسم البياني، واستشِر المحترفين الذين تقدِّرهم. كلما زادت معرفتك – أصبحت أكثر ثقةً وصلابة.
أهمية الحفاظ على نفسية تداول إيجابية
التداول هو توقُّعٌ لتحرّكات الأسعار المُحتَمَلة في محاولةٍ لتحقيق ربحٍ من هذه الحسابات التنبؤية. في كل صفقة، هناك مخاطرة لأنه لا يمكن لأحد أن يكون متأكدًا مما يخبئه المستقبل، لذلك فإن هناك احتمالٌ دوماً لفشل الصفقة.
يعدّ تقبُّل فكرة أنه لا يمكن لأي إنسان أن يتنبأ بالمستقبل أمرًا ضروريًّا. ستساعدك هذه الفلسفة الحياتية في التعامل مع التداول بشكلٍ أسهل. لم نلوم أنفسنا على إخفاقاتنا؟ تخلق كل الانهيارات العاطفية الناتجة عن الإخفاقات حاجزًا كبيرًا أمام نجاحك، مما يتسبّب في الإرهاق والمخاوف قبل التداول. لا تُسقِط إخفاقاتك السابقة على تداولك المستقبلي؛ وإلا ستنقلب الصفقة بأكملها إلى سلبيةٍ ميؤوسٍ منها مع نهايةٍ مفجعة.
التداول لعبة أرقامٍ تُملي فيها الاحتمالات النتائج. لا يمكن التنبؤ بجميع المجالات الأخرى في حياتنا. وكما يقولون، لتكُن روحك رياضيةً دوماً. تقبّل هذه الحقيقة وفي حالة الفشل، اعتبره أمرًا مفروغًا منه، وتوصّل إلى استنتاجات، وادخل اللعبة مرة أخرى! يُعتَبَر التفكير الإيجابي وقبول الحقائق البسيطة مفتاح الحياة السعيدة والناجحة، بما في ذلك مهنة تداول طويلة الأمد ومربحة.
الخلاصة
يعدُّ علم نفس التداول مسألة حساسة. يمكن أن تؤدي العديد من العوامل إلى إحباط المتداولين، مما يمنعهم من تحقيق أرباح منتظمة. لكي تصبح متداولًا ناجحًا يتمتّع بعقليةٍ رابحة، يجب عليك دائمًا مراقبة صحتك الذهنية والتحكم في عواطفك. سيساعدك الانضباط في التداول والتعلُّم المستمر والالتزام بخطط واستراتيجيات التداول والممارسات النفسية على البقاء إيجابيًا وزيادة أموالك. ستساعدك إرشاداتنا وتوصياتنا على تحسين الجانب النفسي للتداول. انضم إلى FBS وابدأ مسيرتك الأسطورية في التداول.