نفسية المتداول: كيف تتعامل مع الخوف من التفويت FOMO؟
هل سبق لك ووجدت نفسك في موقف تشعر فيه بالقلق بسبب الخوف من تفويت فرصة تداول محددة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فيجب أن تتعلم كيف تتعامل و تتحكم في هذا الشعور. إذا كانت الإجابة لا، فمن الأفضل أن تنتبه إلى هذه المسألة الآن، لأن الحذر يقي من النوائب. توضِّح في هذه المقالة جوهر متلازمة الخوف من التفويت في التداول، وكيف أنها قد تعوق أداءك في التداول، كما تقدِّم نصائح حول كيفية التغلب علي هذا الشعور والسيطرة عليه.
ما هو الخوف من التفويت (FOMO) في التداول؟
FOMO هي اختصار للعبارة الانجليزية ”Fear of Missing Out“ وتعني الخوف من التفويت”، وهي مشكلة نفسية شائعة بين المتداولين. يحدث الخوف من التفويت عندما يشعر المتداول بالقلق والخوف من إضاعة صفقة تداول يعتقد أنها مربحة.
ندرك جميعًا أن عملية اتخاذ القرارات في التداول ليست سهلة، خاصة في سوق متقلِّب. وفي بعض الأحيان، يعاني المتداولون المهووسون بالأرباح الكبيرة من الاضطراب العاطفي ويتخذون قرارات غير مدروسة نتيجة للطمع أو الخوف من الفشل. قد تؤدي هذه القرارات غير المنطقية إلى تدمير الفرص المحتملة للنجاح في التداول.
سلوك الخوف من التفويت في التداول
عادةً ما ينشأ الخوف من التفويت عندما يقارن المتداولون أنفسهم بأشخاص محترفين ناجحين حققوا ثروات طائلة. يستسلم المتداول اليومي لليأس ويتبع اتجاهات السوق دون تحليل شامل وعقلية واضحة للوصول إلى صورة المتداول المثالية.
على سبيل المثال، ينشأ الخوف من التفويت عندما يرتفع السوق بشكل متسارع. تتأثر تداولاتك بالمشاعر والأخبار والحماس المتزايد للدخول أو الخروج من السوق بسبب الارتفاع السريع للأسعار. يؤثِّر ذلك على تفكير المتداول ويدفعه لاتخاذ قرارات استنادًا إلى خوفه من إضاعة فرص تحقيق الأرباح المحتملة. فلنفترض أنك فتحت صفقة تداول عندما تكون الأسعار في ذروة ارتفاعها. ثم بدأ السوق في الانخفاض ولم تغلق الصفقة خوفًا من التفويت، معتقدًا أن الأمور ستتحسن في النهاية، واستمر الاتجاه الهابط لفترة طويلة، ستدرك حينها أنك قد خسرت.
يدفعك الخوف من التفويت في التداول إلى فتح صفقات تحت تأثير غريزة القطيع وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي أو شعور بالغيرة، متناسيًا اتباع استراتيجية محدّدة في التداول. يندم الملايين من المتداولين على عدم شراء البيتكوين عندما كانت قيمتها زهيدة، وكذلك الأمر بالنسبة لأسهم تسلا عندما دخلت الشركة السوق في عام 2010 بسعر منخفض يبلغ 17 دولار للسهم. يعتقد المتداولون أنهم فوّتوا فرصة رائعة للثراء والنجاح عن طريق زيادة قيمة هذه الأصول، بينما يجني آخرون ملايين ومليارات الدولارات. ونتيجة لذلك، يسيطر عليهم الخوف من تفويت فرص مماثلة قادمة. كما تزيد المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من هذا الخوف.
مثال آخر لسلوك الخوف من التفويت هو إعادة دخول السوق مرة أخرى بنفس الاتجاه بعد الحصول على ربح. يعتقد هؤلاء المتداولون أنهم يفوتون الفرصة لأنهم جنوا الأرباح بخروجهم من منتصف الاتجاه الذي يتحرك فيه السوق، و أنهم يخسرون مقارنة بالمتداولين الأكثر خبرة. لذا، يسعون لاستعادة الوضع السابق مباشرةً عن طريق إعادة فتح صفقات جديدة.
يدفع الخوف من التفويت المتداولين لاتخاذ قرارات متهورة بسبب الندم والطمع والغيرة. ولهذا السبب يصبحون متوجسين من عوامل غير مهمة، بدلاً من التركيز على التحليل الشامل للسوق واستراتيجية التداول المُعدَّة بعناية. لا يفوت كبار صنّاع السوق الفرصة للتلاعب بالمتداولين باستخدام الخوف من التفويت عن طريق تحفيزهم على اتخاذ قرارات غير معقولة. وينتهي الأمر بأغلب هؤلاء المتداولين بخسارتهم لأموالهم. الجدير بالذكر هنا أنّ حوالي 56% من المتداولين يعانون من الخوف من التفويت.
صفات المتداول الخائف من التفويت
فيما يلي قائمة بأهم الصفات الموجودة لدى المتداول الذي يخاف من التفويت:
- ينقاد بغريزة القطيع؛
- مُتعجِّل في اتخاذ القرارات؛
- يُركِّز على تحقيق ثروة كبيرة؛
- ليس لديه ثقة بنفسه؛
- يعمل دون استراتيجية تداول شاملة أو خطة إدارة للمخاطر.
العوامل التي قد تسبب الخوف من التفويت
يمكن لمؤثرات مختلفة أن تعزّز هذا الخوف في عقول المتداولين نظرًا لكونه حالةً نفسية. لنناقش بعضًا من هذه المؤثرات.
- وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات التيليجرام. تحتوي مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستجرام وريديت وقنوات التيليجرام على مجتمعات تداول مختلفة تقدم معلومات ونصائح وإرشادات وإعلانات حول التداول. يمكن أن تعطي هذه الموارد انطباعًا بأن هناك مجموعة ناجحة من الأشخاص الذين يتبعون توصياتهم، مما قد يزيد من القلق بين المتداولين العاديين الذين يخشون فقدان الأرباح المحتملة في الوقت الذي يظنّون فيه أنّ الآخرين يحققون مكاسب كبيرة.
- الأخبار. لا شك أنّ الأخبار مهمّة في التداول، فهي تثير مشاعر معينة. قد تسبب بعض الأخبار الذعر والقلق، مما يحفِّز المتداولين على اتخاذ قرارات سريعة وغير معقولة. قد يدخل المتداول السوق مثلاً حتى لا يفوت فرصة تحقيق ربح محتمل بدافع من الخوف من التفويت الناجم عن بعض الأخبار.
- تقلّبات السوق. يصبح الخوف من التفويت واضحًا خلال فترات ارتفاع تقلبّات السوق. عندما يشاهد المتداول تقلُّبًا حادًا في الأسعار صعودًا أو هبوطًا، تنشأ لديه رغبةٌ كبيرةٌ في الانضمام إلى السوق دون أن يقوم بتحليلٍ شامل.
- سلسلة الانتصارات. عندما تحقق صفقات ناجحة متتالية، تكون في حالة نفسية متفائلة و تتحمس لإجراء المزيد من الصفقات لتحقيق المزيد من الأرباح. لكن يمكن لهذه الرغبة الجامحة في تحقيق المزيد من الأرباح والخوف من تفويت الفرص أن تدفع المتداول لاتخاذ قرارات خارج إطار خطة التداول، مما قد يتسبب بكارثة.
- سلسلة الخسائر. يشعر المتداول بالعصبية والاستياء إذا تعرّض لعدة صفقات خاسرة متتالية، ويشعر أيضًا بالرغبة في تعويض تلك الخسائر. يؤدي هذا الوضع المؤسف إلى الشعور بالخوف من تفويت الربح عندما يتحرك السعر بالاتجاه الذي يريده المتداول. في هذه الحالة، يدخل المتداول إلى السوق بناءً على المشاعر بدلاً من المنطق والتفكير النقدي.
لماذا قد يكون الخوف من التفويت قاتلاً بالنسبة للمتداولين
كما ذكرنا سابقًا، قد يكون الخوف من التفويت مُدمِّرًا بالنسبة للمتداولين. إنه حاجزٌ كبيرٌ يقف في طريق تحسين قدراتك كمتداول ويحجب التفكير السليم والعقلانية في التداول. يجب على المتداولين بذل قصارى جهدهم للتحكم في مشاعرهم وتجنب الانجراف وراء مشاعر الخوف من التفويت. إليك بعض الأسباب لضرورة القيام يذلك:
- الخسائر الحتميّة. في التداول، من الضروري أن تكون موضوعيَّا وأن تحافظ على هدوئك. يؤدي الخوف من التفويت إلى إفراط عاطفي يحجب التفكير المنطقي. يمكن للمتداول أن يصبح محترفًا فقط بالتمسك بخطة تداول متقدمة تتضمن أداء تحليل شامل للسوق و اتّباع استراتيجية صارمة لإدارة للمخاطر. يمكن لأي متداولٍ تحقيق بعض الأرباح دون استخدام أي من الأدوات المذكورة، لكن ذلك لن يدوم طويلاً، وسيكون التعرض لخسائر كبيرة مسألة وقت فقط.
- عدم الانضباط. من المعلوم للجميع أن الانضباط أمر حاسم في التداول. إنه يحافظ على استمرار مسيرتك المهنية في التداول ويساعدك على تجنب الفشل والخسارة والتعرض للإرهاق. يفسد سلوك الخوف من التفويت الانضباط في التداول، مما يزيد من المخاطر ويجعلك تتخلى عن خطط التداول وتفتقد للاستقرار العاطفي وتتكبد في نهاية الأمر خسائر كبيرة.
- مشاكل في وضع أمر وقف الخسارة. هناك احتمال كبير أن يدفعك الخوف من التفويت لفتح صفقة في وقت متأخر عندما يكون السعر قد بدأ في الارتفاع منذ مدة واقترب من الذروة. يدفعك الخوف من التفويت لفتح صفقة في وقت متأخر ويجعلك عرضة لتكبّد الخسائر.
- التراجع. قد تعاني من تراجعات سعرية كبيرة، وسيكون معدل العائد مقارنة بالمخاطرة منخفض لأنه سيتعين عليك وضع أمر وقف الخسارة عند مستويات بعيدة لتتمكن من الاستمرار في السوق.
- عادات تداول سيئة. لا يعني تحقيق الربح في بعض الصفقات تحت تأثير الخوف من تفويت صفقة مربحة مطلقًا أنه يجب عليك التداول بهذه الطريقة دائما. في النهاية، ستنتهي سلسلة الانتصارات وستتعرض لخسائر مدمرة.
كيفية التعامل مع مشكلة الخوف من التفويت
الخوف من تفويت الفرص هو عدوك اللدود، ويجب أن تعرف كيفية التغلب عليه في طريقك لتحقيق النجاح في التداول. فيما يلي قائمة من النصائح لمساعدتك على تجاوز الخوف من تفويت الفرص في التداول:
- قبول المشكلة.
لا تحاول التهرب من خوفك من تفويت بعض الفرص في التداول والانفعالات العاطفية المقترنة بذلك. تقبُّل هذه المشكلة النفسية هو الخطوة الأولى نحو التعافي وتحقيق النجاح في التداول.
- تنمية انضباطك في التداول.
من الضروري وضع خُطَّة واضحة لروتين عملك التداولي. يجب عليك تحديد أوقات العمل وفترات الراحة وتخطيط وقت التداول بعناية. يمنحك هذا الثقة بالنفس والاستقرار في الأداء، ويساعدك على تجنب التداول العشوائي والقرارات غير المنطقية.
- حدد أهدافك التداولية.
التداول دون هدف مصيره الفشل. في هذه الحالة، ستتبع الرغبات العابرة، مما يجعلك عرضة للخوف من تفويت الفرص.
- الالتزام بخطة واستراتيجية التداول.
أول قاعدة للمتداول الناجح هي وضع خُطَّة شاملة للتداول، مع شروط دخول وخروج واضحة، وتحديد حجم الصفقات، وخطة إدارة للمخاطر.
- حافظ على صحتك الذهنية.
تذكر دائمًا صحتك الذهنية. يجب على المتداول أن يحصل دائمًا على قدر كافٍ من النوم والنشاط البدني للحفاظ غلى أدائه وحياديته. لقد أعددنا لك مقالةً عن التأمل كطريقة لاستعادة طاقتك العاطفية.
- وسّع آفاقك في التداول.
لا تتوقف أبدًا عن تحسين مهاراتك كمتداول واحرص على تعلُّم أشياء جديدة كل يوم. نوصيك بتعلم كل شيء يتعلّق بتحليل التداول مثل التحليل الأساسي والتحليل الفني و تأثير العواطف على التداول. بعد ذلك، حاول أن تضبط تحليلاتك حسب ظروف السوق المتغيرة.
- استثمر المال الذي يمكنك تحمل خسارته.
إذا فشلت الصفقة وخسرت المال، يجب أن تكون مستعدًا لتقبّل خسارة ذلك المبلغ. سيقلِّل الاستثمار السليم من فرص تعرضك للارتباك والانهيارات عاطفية.
- احتفظ بسجل لتداولاتك.
وثّق تفاصيل صفقاتك اليومية في سجل. سيساعدك ذلك على اكتشاف أخطائك ونقاط ضعفك ونقاط قوتك. سيسمح لك ذلك بالتطور وتحقيق الأرباح. يمنحك التفكير المنطقي والتحليل القدرة على السيطرة على مشاعر الخوف من تفويت الفرص.
الخلاصة
في الختام، الخوف من تفويت الفرص سلوك مدمر يسبب خسائر كبيرة وحتمية، ومن الممكن أن يقضي على حياتك المهنية في عالم التداول بأكملها. السيطرة على مشاعر الخوف من التفويت مهارة أساسية في التداول. يمكن للمتداول أن يصبح محترفًا وأن يحقق عوائد مستقرة عندما يحقق الاستقرار النفسي المطلوب. ستساعدك نصائحنا وتوصياتنا على التغلب على مشاعر الخوف وتطوير مهاراتك كمتداول. انضم إلى FBS وابدأ مسيرتك الأسطورية في التداول.